الحاج حمدي - قصة قصيرة




الحاج حمدي ( قصة قصيرة )



الحاج حمدي هو أحد أشهر وأهم معالم منطقة الهرم في الجيزة ! نعم هو كذلك .
شهرته عند أهل المنطقة توازي شهرة رمسيس الثاني و أخناتون وبالتأكيد تفوق شهرة أمنحتب الثاني و الثالث و حتى الرابع !

الحاج حمدي كما بدى لي رجل في الخمسين من العمر ، شعره ليس كثيفاً ولكنه ليس بأصلع ، رأسه ممتلئ بالشعيرات البيضاء المنتشرة بشكل عشوائي .
بشرته مصرية اللون ، طويل القامة ، حليق الذقن و الشنب .
جهوريُّ الصوت ، ينطق الكلمات برتمٍ موسيقي ذا طابعٍ ( تحشيشي ).

في كل فجٍ و زقاق سلكناه معاً يحييه الكبير ويخشاه الصغير وتقبّلهُ الأرض و تُسبّح الخيول والجِمال بحمده !

تعرّفت عليه لسببين أولهما طلبٌ من أحد الأصدقاء شراء لِجامٍ حديدي ( عتيق ) لترويض خيلٍ جامحٍ يمتلكه و ثانيهما أني كنت بصدد إقامة وليمة عشاء لضيوفٍ من السعودية في منطقة صحرواية خلف الأهرامات الثلاث .

طفت معه ساعة كاملة ما لم ولن أفعله في ظل ظروف مصر الأمنية في تلك الفترة ، أخذني معه إلى أغرب وأكثر مناطق الهرم عشوائية ، بين كل منزل و آخر حظيرة للخيول أو الجِمال ، طرقات غير معبّدة أو هي كذلك ولكنها مطموسة بالطين و روث الخيول .
كانت ساعة غريبة بحق ، جاملنا بعضنا البعض حتى ظننا أننا منافقين .

الوداع كان غريباً ، تخلله الكثير من الكذب 
ولم أشرب القهوة التي طلبها لي قبل أن أتعرف عليه .

أخيراً جائني اللجام الذي طلبت ولم أدفع جنيها واحداً فيه ( لم يقل لي تلك الجملة الشهيرة علينا يا بيه ) بل أهداني إياه مهدداً بطلاق زوجاته الأربع إن لم أقبل الهدية .
أما فيما يتعلق بالمخيم الصحراوي فأعتذر مني لظروف مصر الأمنية خشيةً على حياتي وحياة ضيوفي واعداً إياي بتعويضها حين تستقر ظروف الحبيبة مصر .

06/08/2012

ما قبل الفضائيات و الإنترنت ( رياضي ساخر )


قد يكون الموضوع مستهلكا و سبق أن تطرق له العديد من شباب جيلي سواءً عبر مقالات أو تغريدات أو حتى ( حكاوي قهاوي ) ..
لكن تجربة كل منا وإن تشابهت في قصص تعتبر تجربة مليئة بالذكريات ( العجيبة ) نحكيها دون ملل لـ ( عيالنا ) ..

و تلك القصص و الذكريات تستحق خلوداً تضاهي به خلود عصير فواكه الجواهر الثلاث وحتى السن توب .. 

لا أنسى كيف كنا نكتب رسائل الغزل على ورق ( بمبي ) أو أوراق مسطرة أو حتى ورق مربعات .. المهم أن نكتب و نكذب و الأهم أن نعطر تلك الرسائل ( بالكلونيا ) و ( ننشفها ) عَ المكيف ..

نبعث بالرسائل وننتظر الرد .. يوم إثنين .. أسبوع
قد يأتي الرد حاملاً فرحة تسع ( الحارة كلها ) أو فرحة لا تجيء ..

لا قنوات فضائية ولا إنترنت ولا جوال بكاميرا
يااااادوب القناة السعودية الأولى و الثانية و ( ق1 / ق2 ) في الصيف فقط لأننا أهل جدة محظوظين بجوار مصر ..
جيب الإريَل يمين .. لأ شوية شُمال لأ يمين .. جات جات ( مشوشة يا واد شوية شُمال )

و بحكم عشقي الجامح ( للكورة )
من القصص التي لا أنساها أبداً وهو دافعي لكتابة المقالة ..

مباراة مفصلية هامة في تاريخ الإتحاد في نصف بطولة آسيا عام 1995م والتي أقيمت في دولة الإمارات ..

بداية أنا من جيل الإتحاد اللي ( صحي من نومه ) ليشجع الإتحاد بالوراثة ( كـ معظم الأشياء التي نتوارثها جيلاَ بعد جيل ) رُغماً عنا دون جدل .. نشاهده في فترته المتواضعة ( بطولة كل فين وفين ) ..

المهم 
وصولنا لنصف نهائي بطولة قارية في ذلك الوقت أهم من بطولة كأس العالم التي أقيمت قبلها بعام واحد فقط في أمريكا ..
والمباراة منقولة على التلفزيون ( ياااااااااااااااااه ) ما هذه الرفاهية العظيمة ..؟؟!!

و قبل نهاية الشوط الثاني من مباراة الإتحاد و الشعب الإماراتي و تقريباً ما بعد الدقيقة 90 ينقطع الإرسال و الإتحاد متقدم بهدف عبد الله فوال إن لم تخني الذاكرة ..

خلاص إيش باقي على المباراة .. مبروووووك للشعب الإتحادي الوصول للنهائي
مهما كان الخصم قوياً أو خبيراً فنحن أمام إنجاز تاريخي في ذلك الوقت ..

والفرحة عمت أرجاء جدة .. نهنئ أنفسنا و ( عيال حارتنا ) و ( نطقطق ) على الأهلاوية كعادتنا التي لا نمل منها رغم سطوة الأهلي في ذلك الوقت ( لكن أهيه فرصة وجات لعندنا ) ..

ونصبح على فرح !!!
فرح مين دي ؟؟ عنوان عريض في صحافة اليوم التالي أن الإتحاد ودع البطولة 
أوبببببا !! كيف كده ؟

( أترينّه ) بعد إنقطاع الإرسال ، المباراة أمتدت لـ 9 دقائق وقت بدل ضائع
و ( أترينّه ) فريق الشعب الإمارتي سجل التعادل في الدقيقة 98 و أمتدت المباراة لوقت إضافي ثم ضربات ترجيح
وخسرنا 5-4

كل دا حصل و ما عرفنا إلا اليوم الثاني ..!
يا بخت جيل اليوم بس
نعم هو جيل محظوظ بأعلى انواع التقنية المعلوماتية و الفضائية ..
يتابع مباراته عبر جواله في ( الحمام ) ونحن كنا ( نستنى ) لثاني يوم عشان نعرف النتيجة ..!

بل وفي مباريات الدوري الغير منقوله كنا نتصل على تليفون النادي 
الخط مشغول .. مشغول .. مشغول .. مشغول .. ( أخيراً دق وجانا الرد ) 1-0 صلاح المولد ( طوط طوط طوط ) ..

مو بس كده 
عندما سنحت لي الفرصة للدراسة خارج المملكة .. كنت أعرف نتيجة المباراة من الصحافة السعودية اللي تجينا متأخرة (( يومين )) ..
ولا ابلكيشن ولا يحزنون ..!

وكأني أرى ولدي ( عبودي ) بنظرة ساخرة و ضحكة صفرا ( ايش أم القصص الأسطورية دي ؟ )
وتركني غارق في الذكريات ..



كتاب قبول الآخر في نقاط





تمهيد :
أخترت هذا الكتاب لشعوري بحاجتنا كأمة و كمجتمع لفهم معنى قبول الآخر فهي السبيل الوحيد للإرتقاء بالعلاقات و انا على رأسهم ..
لست أدعي المثالية ولا أطالب المجتمع بالمثالية التي أعتقد أنها بعيدة المنال ولكني مؤمن بأن قبول بعضنا البعض مهما تعددت أفكارنا وأختلفت معتقداتنا لها من الإيجابيات ما لا يمكن حصره في كلمات مدونة ولا صفحات كتب ..

عن المؤلف:

هو الدكتور ميلاد حنا -  كاتب ومفكر سياسي مصري الجنسية كان من ضمن المشاهير الذين تم إعتقالهم في فترة الرئيس أنور السادات قبيل إغتياله ، توفى سنة 2012 عن عمر يناهز الـ88 عام .
له عدة مؤلفات أهمها:

  • خصوصية مصر
  • صراع الحضارات والبديل الإنساني
  • الأعمدة السبعة للشخصية المصرية 
  • أزمة الأقليات في الوطن العربي


قبول الآخر - فكر وإقتناع و ممارسة 


إن تباين ألوان الأزهار وأنواع النباتات و كذا دنيا الأسماك و الحيوانات والحشرات هو مشابهٌ تماماً لتنوع الجنس / الصحة و التنوع الإقتصادي و الديني عند البشر ..

يولد  المرء منا دون رغبة أو وعي أو إرادة من ذاته ..
لذا ليس لنا أي فضل في إيجابية شيء دون الآخر و الإحساس بالزهو و الإحباط هو أمرٌ مكتسب ..

في إطار كل دين توجد مذاهب و فرق عدة وغالباً ما تكون هناك كراهية بين مذاهب الدين الواحد تتفوق و تزيد تجاه أديان أخرى ..

ليس للإنسان فضلٌ في كونه مولوداً في مجتمع متقدم ويحمل جنسية دولة عظمى وآخر ولد في معسكر لاجئين فبات من دون جنسية ..

يشارك المجتمع في صياغة الرؤية بمجرد نمو الوعي فنغرق بين الإنتماءات الموروثة والمكتسبة من خلال التعليم / الأسرة / الإعلام و الخبرة ..

لأن الإنسان كائن مجتمعي (أي يعيش في جماعات) فتتراكم لديه إنتماءات كثيرة ما بين موروثة ومكتسبة لذا وجب تعريف كل منها على حدى:
فالإنتماء الموروث: أسرة - قبيلة - دين - مذهب - وطن
أما الإنتماء المكتسب: سياسي - رياضي - إجتماعي - مهني

كلما زادت إهتمامات الإنسان كلما زادت إنتماءاته و كان بطبيعة الحال متفهماً للآخرين والعكس بالعكس ..
وكلما ركز الإنسان على إنتماء واحد فإن توجهه الفكري و الوجداني يصبح بالتبعية إحادياً فيدفعه ذلك أن يكون متعصباً يكره الآخرين ولا يقبلهم ..

ثقافة السلام لا تنتعش إلا بالتنوع وإنتشار قيم المجتمع المدني الذي يفتح آفاقاً لنشاطات إجتماعية و ترقية الفنون والتواصل القوي ..

إن الإعتراف بخصوصية الثقافة للشعوب والجماعات لابد أن يولد رغبة حقيقية للتعرف على غيرها من خلال حوار الحضارات بدلاً من الإصطدام ..
فالإنتماءات لا تُفرض و لا تنزع بقرار فوقي ، لأنها تجسيد لوجدان وشاعر عامة لدى الشعوب تتراكم في سنين وربما قرون ..

دائماً ما تتبلور الرؤى ومناهج الفكر في شكل إختلاف بين البشر كأفراد يتحول إلى خلاف بين المجموعات البشرية من معتقد الصحة أو الأصح ..

ليس من حق المجتمع التدخل في أمر ثقافة كراهية الآخر ، فهذا نوع من أسلحة الدمار النفسي للشعوب فمتى ننضج لطرح مثل هكذا قضايا ؟؟

هنالك من يدعو المجتمعات بالتماسك الداخلي عبر بث كراهية الآخر بدعوى أن الآخر هو سبب الضعف والتخلف الإقتصادي والإجتماعي ..

إن البداية الحقيقية للسلام هي بقبول الآخر بسلبياته و إيجابياته ، فإذا سادت الفكرة البسيطة و أصبحت ثقافة يعتنقها المجتمع أنتقلنا لمرحلة فهم الآخر ..

ثقافة قبول الآخر لا تعيش التحرر والمساواة وحقوق الإنسان بل هي دعوة ذهنية لتكافؤ الفرص تحصين البشرية من أمراض الصراعات العرقية والدينية ..

دعوة قبول الآخر ترتفع أهميتها بين الأنداد المتكافئين لأن في ذلك مصحلة مشتركة لهم وللبشرية ..

ثقافة قبول الآخر مرت سابقاً بنوعين من الصراعات، أولها كان صراع الطبقات ثم صراع الثقافات والأخير هو المحرك السياسي لمجمل سياسات الدول الكبرى ..

ممارسة ثقافة قبول الآخر تبدأ بالفرد نفسه حتى يجد نفسه قابلاً للآخر وبالتالي سيجد نفسه مقبولاً من الآخرين ..

إن الصراعات الثقافية والعرقية والقبلية و المذهبية والدينية لا ينتج عنها سوى تخلف زمني عن ركب التقدم العالمي ..

الإنتماء الثقافي يتوقف فاعليته على الزمان والمكان وعلى المستوى الإجتماعي والوعي الفكري في المجتمع الصغير والكبير ..

يتبلور الوجدان الثقافي وفق مدارك الإنسان ومراحل نموه وظروف نشأته وينتج عن ذلك ردود فعل تجاه الحياة والناس لا حصر لها ..

إن من القيم المستقرة في الدول العظمى حالياً أن المشاعر الدينية الجماعية لا تؤدي إلى ثورات أو حروب لأنها تعمّق فكرة المواطنة كبديل ..


إن العقبة التي تواجه الإنتماء الديني هو الإحساس بالتميز والتفاخر أي أنه أفضل من الآخر .. وعليه سيجد أتباع أي دين أو مذهب مفاهيم تأخذ شكل نصوص مقدسة تؤكد التمايز والإحساس بالزهو ومع تراكمها تتحول لتعصب حتى تأخذ مساراً عنيفاً ..

من منا أختار ديانته أو إنتمائه و في أي مرحلة عمرية .؟؟

مسيرة الحياة في سن التكوين تنطبع بالتلقين والمسلمات لا بالفحص والتمحيص ..

فالصراعات الغير دينية تذوب مع الرقي والثورة المعلوماتية وتبدأ بلقاء الآخر ثم قبوله فـ وفاق وتعاون باحثة عن إنتماء أقوى ..

يعتقد الأصوليون أن الإنتماء الديني يسبق الوطني وهذا الإعتقاد قد خلف حروباً ضارية كحرب يوغوسلافيا بين الكاثوليك والبروستنت مثلاً ..

إن غياب ثقافة قبول الآخر نشأت عن حروب لبنان و الصومال والسودان وكشمير وبورما و الأكراد ما بين العراق وتركياً ..
واليوم نشهد حروباً مماثلة لها بسبب غياب تلك الثقافة ..

إن ثقافة قبول الآخر وتعزيز الإنتماء الوطني هو من أنقذ المسلمين و المسيحيين من الإستعمار الإنجليزي في مصر ومن بعده الإحتلال الإسرائيلي ..

أخيراً
نحن مجتمع مصاب بداء عدم قبول الآخر
ذلك المرض العضال الذي يسري في جسد كل الأطراف المتصارعة ..

البؤرة الحضارية الأولى - مختصر مولد الإنسان العصري


قبل نشأة علم الأركيولوجي كانت الكثير من الاسئلة التي تجول في خاطر الإنسان عن كيفية نشوء الحضارة .؟؟
بل كيف كانت البداية الإنسانية ..؟؟ ماهية الإنسان ..؟؟
نقطة الصفر كيف كانت .؟
كيف بدأت المدنية .؟؟
في أي اتجاه سارت أو كانت تسير .؟؟ ماهي العوامل الحاسمة التي أدت لظهور الحضارات .؟؟

كانت الكثير من الإجابات لا تجيء إلا بعدم المعرفة أو بالإجابات الخارقة للطبيعة التي نفهمها ..
حتى نشأ علم يدرس الميثولوجي (علم الأساطير) جنباً إلى جنب مع علم الأنثروبولوجي (علم الإنسان) وعلم الأركيولوجي (علم الآثار) لتضع أمام العيان الإجابات الواقعية أو لنقل الإجابات التي تمتلك الدليل العيني والتحليل العلمي .
وكل هذا حدث تتابعاً في العقود الثلاثة الأخيرة ..

لقد قسم العلماء التاريخ الإنساني على الأرض بأربعة عصور رئيسية هي:
1/ العصر الباليوليتي وقد إمتد نحو 90 ألف سنة  ( 100،000 قبل الميلاد - 10،000 ق.م) وهو العصر المعروف بالحجري .
2/ العصر النيوليتي (8500 ق.م - 4500ق.م ) وهو العصر الذي أحس فيه الإنسان بإنفصاله الحقيقي عن عالم الحيوان ، وفي هذا العصر بدأ الإنسان بإستخدام أدوات بيئته الطبيعية لصالحه فبدأت تظهر تحولات جديدة لم تكن معروفة على الإطلاق قبل هذا العصر على النحو التالي:
              - الخروج من الكهف والإستقرار على الأرض وبناء المستوطنات
              - إكتشاف الزراعة
              - تدجين الماشية
3/ العصر المديني وهو العصر الذي تكونت فيه المدن الأولى وظهرت بتنظيماتها وقوانينها وسياساتها وأديانها التي نعيش على ظلالها في عصرنا الحاضر . و تثبت الدلائل العلمية على نشوئها لأول مرة في بلاد الرافدين .
4/ عصر الثورة الصناعية وقد بدأت في القرن التاسع عشر الميلادي .
 
 
 
بإقتفاء أثر تلك العصور تشير الدلائل إلى أن العصر المديني قد ظهر لأول مرة في الشرق الأدني القديم في سومر ( بلاد الرافدين ) ثم أنتقلت إلى مصر و زحفت بعد ذلك إلى الهند .
لكن ماذا عن العصر النيوليتي الذي يُعد البداية الحقيقية للعصر الإنساني أو لنقل الثورة البارزة في التاريخ الإنساني ، فقد أثبتت الحفريات الأثرية إلى أن أولى التجمعات البشرية المستقلة في مستوطنات و قرى كانت في فلسطين و وادي الأردن و اولى تجارب الزراعة كانت ممتدة من حلب حتى سيناء ثم بعد ذلك أنتشرت الثورة النيوليتية نحو آسيا و جنوب أوروبا .
 
وهنا نستخلص القاعدة الأهم التي أكتشفها علم الأركيولوجيا والتي تنص على أن البؤرة الحضارية الأولى تشكلت وتكونت ثم أنتشرت من مركز واحد وهو ما يدحض النظرية القائلة بالتطور المتوازي .
 
 
 
إن الثورة النيوليتية نقلت الإنسان من عصره الحجري الذي اعتمد على الصيد  والإلتقاط والتنقل إلى الإستقرار و الزراعة وتربية المواشي وهي اللبنة الأولى للحالة العصرية أو لنقل للثورة المدينية ..
لقد بدأ الناس التآلف في تجمعات تضم من 50 إلى 250 فرداً في تعداد رهيب وكبير مقارنة بفترة العصر الحجري الذي كان يضم في أفراده أعداداً لا تزيد عن العشرين .
 
 
 
إن الثورة النيوليتية تزامنت مع أمرٍ هام آخر ألا وهي الكتابة ، فقد كُتبت الحضارة الإنسانية لأول مرة في العصر النيوليتي في بلاد سومر فكانت رافداً مهما لقراءة تلك الحقبة بدءً بالرسومات وانتهاءً بالحروف والجمل المكتوبة بلغة ذلك العصر ..
 
لذا يستنتج من هذا كله تطور التواصل الإنساني بشكل أكثر تنظيماً عبر اللغات التي أخذت تتطور تدريجياً وهذا بالتأكيد يتزامن مع أحد أهم الاكتشافات التي غيرت شكل الحياة الإنسانية التي لا تقل أهمية عن إكتشاف الكهرباء في عصر الثورة الصناعية وذلك كان اكتشاف النار .
 
 
 
اكتشاف النار قسم العصر النيوليتي لفترتين زمنيتين ( عصر ما قبل الفخار ثم عصر الفخار ) .. وعصر الفخار هذا أبدع فيه الإنسان واخرج فيه أهم فنونه التشكيلية والبنائية التي مهدت لظهور العصر المديني كما ذكرنا سالفاً ولأول مرة في بلاد الرافدين ( سومر تحديداً ) تتابعت فيها الاكتشافات المنسوبة للحضارة السومرية ومنها إيجاد النظام العشري و تحديد محيط الدائرة وتقسم السنة والشهور والأيام وحجر الاساس لعلم الرياضيات ومبادئ الهندسة وبدأ عصر بناء المعابد ومراقبة الأفلاك وبدأت صياغة الشرائع المكتوبة و سن النظم والقوانين .
 
 
 
عند هذه النقطة تحديداً تبدأ كتب التاريخ الكلاسيكية كتابة الحضارة الإنسانية  في بلاد الرافدين ومصر والهند ومنها لبلاد اليونان وقبرص والصين وكان ذلك قبل الميلاد بـ3500 سنة تقريباً ..
 
 
 
للاستزادة في الموضوع - المراجع التالية:
James Mellaart the neolithic of the near east
Jordan Child - The most Ancient near east
Joseph Campbell -  Primitive Mythology
لغز عشتار - فراس السواح
 

نادي الطرب .. الحلم الذي لا يجيء




عنوان المقالة لا تعني أبداً أنني مُتشائم .. أو أن مشروعنا الفني الإنساني واجه فشلاً ..
لا على الإطلاق !!

لقد كنت أكثر الناس نشوة و سعادة وأنا أشاهد ذلك الإقبال المُذهل و النجاح الباهر للحفلات الأربع التي أقامها نادي الطرب بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون و فرقة ألوان الموسيقية ..
نعم وبكل بساطة تحول المشروع البسيط ( حلم المراهقة ) الذي كان يوماً بعنوان ( قمة جدة ) والذي أقمناه سنواتٍ طويلة عبر اجتهادات بسيطة بإدارة موقع و منتدى الأستاذ الراحل طلال مداح www.6lal.com
تحول وأصبح ذا طابع رسمي عبر به صعوباتٍ كانت ، و لازال يحلم بهدم صعوباتٍ واكبت هذا الإنجاز ..

مُدهشٌ كل هذا الحب الذي لاقاه المشروع البسيط ..
مميزٌ كل هذا الدعم من عُشاق الفن الجميل الأصيل ..

هنا عانق جمهور النادي المسرح جنباً إلى جنب مع القائمين عليه في لحظة تاريخية بالنسبة لنا


حينما قررنا تحويل حلم المراهقة كما أسلفت ، الحلم الذي يهدف لإنقاذ الفن من براثن التجارة به والعبث بموروثه نهضنا وحدنا و قررنا إقامة ما لم يستطع غيرنا فعله .. لم نكن نتصور قط أن هذا الحلم رغم مروره بمصاعب جمة أن يتحول إلى حقيقة وليس هذا فقط بل وفي الوقت الذي توقفت فيه تماماً إقامة الحفلات الموسيقية لكبار الفنانين وصغارهم ..

لازلت أذكر تلك الأيام الصعبة والتي وجدت سبيلها للشهرة عاماً بعد عام حتى كانت آخر ( قمة ) لم نستوعب فيها حتى اللحظة ذلك الكم الهائل من الحضور في إحدى قاعات الاحتفالات بمدينة جدة .. بل وبحضور أعلامٍ من الفن والإعلام ..


في آخر إحتفالات قمة جدة يظهر في الصورة بعضاً من القائمين عليها

لازلت اذكر عدم اعتراف أي جهة رسمية وحتى جمعية الثقافة والفنون بمدينة جدة بنشاطنا .. وأذكر تلك المبالغ المالية التي صرفناها لأجل إحياء ذلك الحلم ، و في المقابل لم نطلب فلساً من أيٍ من الحاضرين ..

نعم كنا زاهدين مصممين على تقديم الفن الأصيل بأي طريقة وعلى طبقٍ من حُب لكل عشاق الفن ..

واليوم وبالرغم من أننا لم نُقم سوى ٤ نشاطات في العام المنصرم .. إلا أننا عاقدين العزم على إكمال ما بدأناه بالرغم من كل الصعوبات التي أحاطت بنا وبحلمنا ومشروعنا من كلٌ فجٍ عميق ..
فالفنون الجميلة لا تجد ذلك الإحترام والتقدير كما تجده الرياضة مثلاً ولا حتى الهرطقة !!
دائماً ما ينكّل بها ويجد عاشقها و ساقيها كل الألم رغم ما تقدمه من فرح و بهجة ..

قد أعود يوماً لأكتب المزيد ..! لدي الكثير من الحكايا و القصص
قد أفعل و قد لا أتمكن من ذلك
ولكني على ثقة تامة أنه وكما حفرنا إسم موقع الأستاذ طلال مداح في قلوب مئات الألوف من البشر .. فتلك السهرات التي أقامها نادي الطرب جعلت من نفسها مكاناً في نفوس كل الحاضرين ..



كل الحب والتقدير
 

ما بين غسيل الأموال و الإستثمار الرياضي



 
يذهب الكثير من النقاد الرياضيين والجماهير ومتابعي كرة القدم إلى أن المادة هي العصب الرئيسي والحقيقي للعبة وبدونها لن تنهض أو تتطور أبداً ، ولا أختلف شخصياً عن هذا الرأي ولكني أخالفه في الكثير من جزئياته .
بالسيولة الضخمة تستطيع شراء أي لاعب تستهويه ولكنك لا تملك شراء التاريخ مثلاً أو البطولات، فالإثنان هُما نتيجة لعمل وجهد وتخطيط قصير وطويل المدى ..
مع تدفق سيولة مالية ضخمة من روسيا و أمريكا والخليج للأندية الإنجليزية وخصوصاً شيلسي و مانشيستر سيتي وليفربول نتج عنها بطولات لا تتجاوز كف اليد الواحدة لكل نادي ، رغم أن مصروفات الأندية مجتمعة تتجاوز المليار باوند في سنوات تزيد عن العشر عند أحدهم ولم يكن العائد مُجزي مالياً على الأقل مما يضع الأندية في مفترق طرق لو تخلت رؤوس الأموال عن غسل أموالها في تلك الأندية مما قد يهدم كل ما تم بناءه وبشكل قد يكون مُفجع لعشاقه ولنا في أندية ليدز يونايتد و بورتسموث و بلاكبيرن أمثلة و شواهد ..
فالإستثمار الرياضي هو إستثمار يهدف إلى بناء قاعدة صلبة يرتكز عليها النادي لفترات طويلة من بناء و تأهيل أكاديميات ذات جودة عالية والمحافظة على قدرة النادي على المنافسة بتوازن مالي غير مرهق للميزانيات المالية و قادر على السير بالنادي للأمام دون أي تراجع قد تخلفه مديونيات قد تجعل الحل الأمثل لملاكه هو بيعه لتاجر آخر راغب في تدوير أمواله بشكل مُريب ..
وليس هذا فحسب بل إن القدرة المالية الهائلة عادة ما تقتل المنافسة الشريفة بين الأندية وتقتل حماسة الدوري الذي يتلاعب فيه نادٍ دون الآخرين بوفرة أمواله كما يفعل بايرن ميونخ الآن من إفراغ منافسيه من نجومهم سنة بعد آخرى وكما يفعل برشلونة والريال في الدوري الإسباني ..
 
على الجانب الآخر تجربة نادي أرسنال مع الإستثمار الرياضي (المثالي) مالياً قد يكون جذاباً لأصحاب رؤوس الأموال ولكنه (فشل) في إقناع جماهير النادي و عشاقه على أنه إستثمار مثالي في ظل إبتعاد النادي عن تحقيق أي بطولات منذ آخر بطولة في عام 2005م .
نعم مقياس الجماهير هي البطولات ، ولا شك في ذلك ولكن أين هي كرة القدم من هذا كله ، هي الخاسر الأكبر خصوصاً على المدى البعيد ..
ولهذا استحدثت الويفا قوانين جديدة متعلقة بالأموال النظيفة للحد من الصرف الخيالي للعبة والذي يضرها على المدى البعيد وهذه القوانين تم تطبيقها لهذا العام وستأخذ حيز التفعيل الأمثل في الأعوام القادمة مع إصطدام الأندية بالمتطلبات الجديدة و أهمها هو الصرف بقدر الربح والذي يضمن عدم تدهور الحالة المالية للأندية الذي يترتب عليها عادة على اقل تقدير عدم تسديد رواتب اللاعبين والعاملين بالنادي .
 
أرجوا أن يحقق هذا التفاعل من قبل الويفا العدل لكرة القدم .. والعدل لتنمية اللاعبين والمواهب .. العدل للجماهير العاشقة التي تبحث عن إنصاف عشقها ..
 
تقبلوا مودتي وإحترامي
 

تباً لك يا فنون الجزيرة




فنون الجزيرة لغير المتابعين أو المهتمين هي شركة إنتاج فني وإعلامي ، وهي تعمل اليوم بإسم شركة بلاتينيوم ريكوردز المملوكة سابقا للأمير خالد بن فهد بن عبد العزيز و التي (يُقال) أنها وُهبت كاملة للفنان راشد الماجد عرفاناً لوفاءه للشركة في الوقت الذي احتكرت فيه شركة روتانا مُعظم الفنانين السعوديين ..

 هذه الشركة تمتلك حصرا و قهرا صوت الفنان الراحل الأستاذ طلال مداح ..
ولا يحق لأي إذاعة او تلفزيون او موقع الكتروني بث أغنيات وروائع الأستاذ دون إذن مسبق من الشركة ..

من اللطيف أنها لا تضيق الخناق على المواقع الإلكترونية هذا مما ساهم في إنتشار روائع كانت تخبئها الأدراج سنوات طويلة ..
لكن المعيب أنها تقابل بإستهتار صارخ وفاء الأستاذ لمالكها (السابق) و جمهوره العاشق الذي لازال (رغما عن الإعتقاد بأن جماهيريته اليوم محصورة في جيلٍ بات ينقرض) ينتظرون بفارغ الصبر سنويا ما تنتجه الشركة ..

وهنا مربط الفرس
إنتاج الشركة من بعد رحيل الأستاذ لا يرقى أبدا لطموح المهتمين بالفنون الجميلة وبالأخص الطلاليين ..

بدايةً .. الشركة فقدت أرشيفها كاملا في حريق هائل أفقدها القدرة على طرح أي ألبوم أو أغنية تم إنتاجها في وقت سابق لرحيل الأستاذ .. وهي اليوم تمارس دور (الشحّاذ) اللامبالي و كما يُقال بالعامية (شين وقوي عين) ..
علاوة على ذلك فكل ما يُهدى لها أو تقوم بدفع ثمنه تطرحه مباشرة دون تنسيق او إهتمام بجودة ..

تارة تطرح ألبوم كوكتيل مكون من جلسات متفرقة و أغاني أستديو ..
وتارة تطرح ألبوماً سيء التسجيل او مسرّع ..
وتارة تطرح ألبوماً يحتوي على أغنيات بها أخطاء او أن الراحل نفسه سجلها مجاملة لبعض الأسماء ولم يرغب في نزولها الى الاسواق ..
وتارة أخرى تطرح ألبوماً مكوناً من بروفات للأستاذ طلال ..

بالتالي هم يسيئون للأستاذ .. ( ألا يا أهل الهوى كيف المحبة تهون )
الرجل الذي لولاه لما كانت فنون الجزيرة شركة لها شأن في عالم الإنتاج الفني ..
إضافة لكل ما أوردته فهي لازالت متعنتة في تسويقها للألبومات بالشكل اللائق ولازالت تحرم الإذاعات و القنوات الفضائية من بث إرث الراحل والذي يشكل أهم إرث موسيقي للأغنية السعودية في عصرها الحديث ..

أستاذنا طلال
لا جديد في الحياة وإنت بعيد
لا جديد لا أمل لا يوم عيد ..

تبا لك يا فنون الجزيرة .. تباً لك من شركة ناكرة للجميل ..

 
تبا وتب لمن يُقارن صوت الأرض بأصواتٍ من الأرض ..