قبل نشأة علم الأركيولوجي كانت الكثير من الاسئلة التي تجول في خاطر الإنسان عن كيفية نشوء الحضارة .؟؟
بل كيف كانت البداية الإنسانية ..؟؟ ماهية الإنسان ..؟؟
نقطة الصفر كيف كانت .؟
كيف بدأت المدنية .؟؟
في أي اتجاه سارت أو كانت تسير .؟؟ ماهي العوامل الحاسمة التي أدت لظهور الحضارات .؟؟
كانت الكثير من الإجابات لا تجيء إلا بعدم المعرفة أو بالإجابات الخارقة للطبيعة التي نفهمها ..
حتى نشأ علم يدرس الميثولوجي (علم الأساطير) جنباً إلى جنب مع علم الأنثروبولوجي (علم الإنسان) وعلم الأركيولوجي (علم الآثار) لتضع أمام العيان الإجابات الواقعية أو لنقل الإجابات التي تمتلك الدليل العيني والتحليل العلمي .
وكل هذا حدث تتابعاً في العقود الثلاثة الأخيرة ..
لقد قسم العلماء التاريخ الإنساني على الأرض بأربعة عصور رئيسية هي:
1/ العصر الباليوليتي وقد إمتد نحو 90 ألف سنة ( 100،000 قبل الميلاد - 10،000 ق.م) وهو العصر المعروف بالحجري .
2/ العصر النيوليتي (8500 ق.م - 4500ق.م ) وهو العصر الذي أحس فيه الإنسان بإنفصاله الحقيقي عن عالم الحيوان ، وفي هذا العصر بدأ الإنسان بإستخدام أدوات بيئته الطبيعية لصالحه فبدأت تظهر تحولات جديدة لم تكن معروفة على الإطلاق قبل هذا العصر على النحو التالي:
- الخروج من الكهف والإستقرار على الأرض وبناء المستوطنات
- إكتشاف الزراعة
- تدجين الماشية
3/ العصر المديني وهو العصر الذي تكونت فيه المدن الأولى وظهرت بتنظيماتها وقوانينها وسياساتها وأديانها التي نعيش على ظلالها في عصرنا الحاضر . و تثبت الدلائل العلمية على نشوئها لأول مرة في بلاد الرافدين .
4/ عصر الثورة الصناعية وقد بدأت في القرن التاسع عشر الميلادي .
بإقتفاء أثر تلك العصور تشير الدلائل إلى أن العصر المديني قد ظهر لأول مرة في الشرق الأدني القديم في سومر ( بلاد الرافدين ) ثم أنتقلت إلى مصر و زحفت بعد ذلك إلى الهند .
لكن ماذا عن العصر النيوليتي الذي يُعد البداية الحقيقية للعصر الإنساني أو لنقل الثورة البارزة في التاريخ الإنساني ، فقد أثبتت الحفريات الأثرية إلى أن أولى التجمعات البشرية المستقلة في مستوطنات و قرى كانت في فلسطين و وادي الأردن و اولى تجارب الزراعة كانت ممتدة من حلب حتى سيناء ثم بعد ذلك أنتشرت الثورة النيوليتية نحو آسيا و جنوب أوروبا .
وهنا نستخلص القاعدة الأهم التي أكتشفها علم الأركيولوجيا والتي تنص على أن البؤرة الحضارية الأولى تشكلت وتكونت ثم أنتشرت من مركز واحد وهو ما يدحض النظرية القائلة بالتطور المتوازي .
إن الثورة النيوليتية نقلت الإنسان من عصره الحجري الذي اعتمد على الصيد والإلتقاط والتنقل إلى الإستقرار و الزراعة وتربية المواشي وهي اللبنة الأولى للحالة العصرية أو لنقل للثورة المدينية ..
لقد بدأ الناس التآلف في تجمعات تضم من 50 إلى 250 فرداً في تعداد رهيب وكبير مقارنة بفترة العصر الحجري الذي كان يضم في أفراده أعداداً لا تزيد عن العشرين .
إن الثورة النيوليتية تزامنت مع أمرٍ هام آخر ألا وهي الكتابة ، فقد كُتبت الحضارة الإنسانية لأول مرة في العصر النيوليتي في بلاد سومر فكانت رافداً مهما لقراءة تلك الحقبة بدءً بالرسومات وانتهاءً بالحروف والجمل المكتوبة بلغة ذلك العصر ..
لذا يستنتج من هذا كله تطور التواصل الإنساني بشكل أكثر تنظيماً عبر اللغات التي أخذت تتطور تدريجياً وهذا بالتأكيد يتزامن مع أحد أهم الاكتشافات التي غيرت شكل الحياة الإنسانية التي لا تقل أهمية عن إكتشاف الكهرباء في عصر الثورة الصناعية وذلك كان اكتشاف النار .
اكتشاف النار قسم العصر النيوليتي لفترتين زمنيتين ( عصر ما قبل الفخار ثم عصر الفخار ) .. وعصر الفخار هذا أبدع فيه الإنسان واخرج فيه أهم فنونه التشكيلية والبنائية التي مهدت لظهور العصر المديني كما ذكرنا سالفاً ولأول مرة في بلاد الرافدين ( سومر تحديداً ) تتابعت فيها الاكتشافات المنسوبة للحضارة السومرية ومنها إيجاد النظام العشري و تحديد محيط الدائرة وتقسم السنة والشهور والأيام وحجر الاساس لعلم الرياضيات ومبادئ الهندسة وبدأ عصر بناء المعابد ومراقبة الأفلاك وبدأت صياغة الشرائع المكتوبة و سن النظم والقوانين .
عند هذه النقطة تحديداً تبدأ كتب التاريخ الكلاسيكية كتابة الحضارة الإنسانية في بلاد الرافدين ومصر والهند ومنها لبلاد اليونان وقبرص والصين وكان ذلك قبل الميلاد بـ3500 سنة تقريباً ..
للاستزادة في الموضوع - المراجع التالية:
James Mellaart the neolithic of the near east
Jordan Child - The most Ancient near east
Joseph Campbell - Primitive Mythology
لغز عشتار - فراس السواح